sponsor

sponsor

Slider

أخبار العالم

أخبار الاقتصاد والأعمال

أخبار الجنوب

مجتمع مدني

تقارير وتحليلات

شؤون دينية

مقالات

» » حرب المرتبات.. وسيلة هادي المتاحة لمعاقبة ملايين اليمنيين..


نبأ نيوز – صنعاء
بعدما أحالت حياة مئات الآلاف من موظفي الدولة المدنيين في المحافظات الشمالية، إلى جحيم منذ قَطَعت مرتباتهم في نهاية عام 2016م، عممت حكومة هادي حرب المرتبات على من تبقى من موظفي الجهاز الإداري في المحافظات الجنوبية، تحت ذريعة سيطرة الانتقالي على عدن والمحافظات الجنوبية، لتؤكد بذلك أنها لم تعد سوى أداة بيد التحالف لتوسيع معاناة الشعب اليمني المثقل بالهموم والبؤس والعوز.
يَعتَبِر موظفو الدولة قطع الرواتب الشهرية، حرباً أشد فتكاً وضرراً من الصواريخ والقذائف القاتلة التي يلقي بها طيران التحالف منذ أكثر من خمسة أعوام على رؤوسهم، بل إن الحرب الاقتصادية التي تمارسها السعودية وحلفاؤها عبر ما تسميها الحكومة الشرعية ليست سوى امتداد لحربها المدمرة لمقدرات واقتصاد اليمن وبنيته التحتية، وما يترافق معها من إغلاق للمطارات، وحصار على الموانئ البحرية والمنافذ البرية.
لم تجد حكومة هادي ما تبرر به قطع المرتبات، منذ إقدامها على نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن في سبتمبر 2016م، والتي استمر البنك بصرفها قبل ذلك من صنعاء لكل موظفي الدولة، حتى نهاية شهر أغسطس من العام نفسه، على الرغم من تقديمها التزامات للأمم المتحدة بالاستمرار في صرف الرواتب بعد نقل البنك، إلا أنها لم تفِ بأي شيء مما وعدت به.
وعلاوة على قطع المرتبات مضت حكومة هادي قدماً في طباعة كميات كبيرة من العملة "غير القانونية" من دون غطاء نقدي أو سند قانوني، متسببة بانهيار كارثي للعملة الوطنية، ما دفع بحكومة الإنقاذ في صنعاء لإلغاء تلك العملة وحظر تداولها وحيازتها تلافياً لمزيد من الانهيار، بعدما تجاوزت الأموال المطبوعة 1.7 تريليون ريال، والذي اتخذت منه حكومة هادي، في وقت لاحق، مبرراً لقطع ما كانت تسلمه من مرتبات للمتقاعدين وأعداد قليلة من الموظفين المسجلين ضمن النازحين من المحافظات الشمالية، وهي الفئة الوحيدة التي ظلت لأقل من عام تحصل على جزء من المرتبات من البنك المركزي في عدن، بينما اعتمدت بقية القطاعات الحكومية العسكرية والمدنية على ما تصرفه حكومة الإنقاذ بين فترة وأخرى وفقاً للإمكانيات المتاحة لها.
تعرضت حكومة هادي لانتقادات واسعة، خصوصاً من الأكاديميين والمهتمين بالشأن الاقتصادي على خلفية قطع مرتبات المتقاعدين والموظفين النازحين، واعتبروها متاجرة واضحة بقوت الموظف اليمني، غير مكترثة في الوقت ذاته لمصير أسرهم، بغض النظر عن الخلافات السياسية الدائرة، على اعتبار أن مسألة صرف مرتبات موظفي الدولة من المسلمات غير القابلة للتوظيف والمماحكة، سيما وأن هذا الإجراء كشف حكومة هادي على حقيقتها أمام الموظف والمواطن البسيط، حد وصفهم.
نُقِلَ المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن برعاية أممية والتزامات من هادي وحكومته بحيادية البنك وصرف الرواتب للجميع، وبشكل كامل طبقاً لكشوفات ديسمبر 2014، لكنها سرعان ما تنصلت عن الوفاء بتعهداتها، متسببة في إحداث شرخ اجتماعي بين موظفي الدولة، من خلال صرفها مرتبات فئة صغيرة منهم تحت مسمى نازحين دون غيرهم، سعت من خلالها للظهور أمام المجتمع المحلي والدولي بتنفيذ ما التزمت به من صرف المرتبات للجميع، متجاهلة الأوضاع الاقتصادية الصعبة للموظفين، ومعاناتهم جراء الأمراض والأوبئة وغلاء المعيشة.
وعلى المنوال نفسه وجدت حكومة هادي من إعلان المجلس الانتقالي ما أسماها "الإدارة الذاتية" لعدن والمحافظات الجنوبية، والتحفظ على شحنة من الأموال المطبوعة قبل وصولها إلى البنك في شهر يونيو 2020م، ذريعةً لقطع المرتبات عن موظفي الدولة في تلك المحافظات، التي سرعان ما اكتوى سكانها بحرب التجويع والإنهاك الاقتصادي التي يمارسها هادي وتابعوه بحق اليمنيين لدواعٍ سياسية وأجندات خاصة لا صلة للمواطنين بها.
ومنذ تشكيلها ما يسمى قوات الحزام الأمني في عدن؛ ظلت الإمارات تغدق الأموال على الانتقالي وقواته من خلال مرتبات شهرية منتظمة، لم يحدث أن توقفت تحت أي ظرف حتى نهاية عام 2019م حين تسنى للمجلس الانتقالي السيطرة الكاملة على عدن، عندها أوقفت الإمارات دعمها عن المجلس، بالتزامن مع مزاعم انسحابها من عدن ومناطق أخرى في اليمن، حينها امتنعت حكومة هادي عن دفع مرتبات الموظفين في المحافظات التي يسيطر عليها الانتقالي بإيعاز من السعودية، من أجل إثارة مرحلة جديدة من الصراع والحرب على الموارد بين شركاء التحالف متعددي الولاءات في المحافظات الجنوبية.
ومنذ إعلانه الإدارة الذاتية في عدن في أبريل الماضي وجّه المجلس الانتقالي مختلف المؤسسات الحكومية بتوريد جميع الإيرادات العامة إلى البنك الأهلي في عدن، بدلاً من البنك المركزي الذي لايزال يدين لحكومة هادي بالولاء، ليوفر بذلك الذريعة للبنك للاستمرار في الامتناع عن صرف المرتبات.
ففي هذا السياق أوضح مصدر في البنك المركزي في عدن أن ما يواجهه من صعوبات مالية كبيرة وشحة في السيولة ناتج عن حجز بعض الموارد العامة، ومنع وصولها إلى البنك، مؤكداً أن امتناع بعض الجهات الرسمية عن التوريد تسبب في انقطاع المرتبات.
بينما حمل المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات وزارة مالية حكومة هادي والبنك المركزي، مسؤولية تأخير مرتبات العسكريين ومنتسبي الأمن، وموظفي الوزارات والمؤسسات الحكومية والمتقاعدين في المحافظات الجنوبية، لأكثر من 11 شهراً.
وأوضح رئيس ما تسمى "اللجنة الاقتصادية العليا، التابعة للمجلس الانتقالي" عبد السلام حميد، في بيان نشره على موقع المجلس، في التاسع من يوليو 2020م، أن مسألة دفع المرتبات من صميم مسؤوليات والتزامات حكومة هادي ممثلة بوزارة المالية والبنك المركزي، مشيراً إلى أن "الإدارة الذاتية للمجلس" ستعمل جاهدة لتنظيم الموارد وتسخيرها لتحسين الخدمات العامة في عدن والمحافظات الجنوبية، على الرغم من عدم كفاية ما يتم تحصيله من رسوم الجمارك والضرائب لتغطية النفقات الخدمية، حد قوله.
وحذر حميد قيادة البنك المركزي من استخدام "حاويات النقود المتحفظ عليها" كشماعة للتنصل عن التزاماتها تجاه الموظفين والمواطنين المثقلين بالأزمات، موضحاً أن المجتمع بات يدرك أن طباعة كميات كبيرة من النقود الورقية بدون غطاء من النقد الأجنبي، أو من السلع الإنتاجية والخدمات، ستكون نتائجها كارثية على القوة الشرائية للعملة المحلية.
كما نبّه إلى تداعيات وانعكاسات غير محمودة العواقب، سيلجأ إليها المجلس، وستتحمل مسؤوليتها الجهات المعرقلة لصرف تلك الرواتب.
وفي الثالث عشر من الشهر نفسه أصدرت ما تسمى "الإدارة الذاتية" للجنوب في المجلس الانتقالي بياناً بشأن ما آلت إليه الأمور بسبب تعنت حكومة هادي، ممثلة بالبنك المركزي في عدن، وإصرارها على عدم صرف مرتبات العسكريين والأمنيين في المحافظات الجنوبية، لنحو خمسة أشهر فضلاً عما تبقى من مرتبات متأخرة منذ عام 2018م.
وهدد المجلس الانتقالي باتخاذ ما سماه "التدابير اللازمة للحصول على مرتبات العسكريين وقوات الأمن في عدن غير منقوصة، كحق مشروع وقانوني لهم في ظل إصرار حكومة هادي على مصادرة المرتبات، والذي اعتبره سلوكاً مشيناً وغير إنساني، على حد تعبيره.
خرجت قوات هادي من مدينة عدن في أغسطس 2020م، وظلت قوات الانتقالي متواجدة في المؤسسات الرسمية، في وقت كانت وفود كل طرف منخرطة فيما كانت تسمى "مفاوضات جدة"، قبل التوقيع على اتفاق الرياض المتعثر مطلع نوفمبر الماضي، والذي قضى بعودة فريق مصغر من حكومة هادي إلى عدن تحت حماية قوات الانتقالي لصرف المرتبات للمدنيين والعسكريين، وهي الجزئية الوحيدة التي نفذت من الاتفاق، غير أن الفريق استثنى مرتبات قوات الانتقالي والتشكيلات الأمنية الموالية له، بعد توقف الدعم الإماراتي عنها، على الرغم من أنها تأسست بقرار من هادي قبل أن ترفض الانصياع لتوجيهاته، مما دفع بالانتقالي إلى استجداء قيادة التحالف ممثلة بالسعودية لتأمين مرتبات قواته.
ظلت حكومة هادي تربط تسليم المرتبات بانسحاب الانتقالي من مؤسسات الدولة ومعسكراتها، وتسليم الأسلحة التي سيطر عليها، إلى جانب الامتثال لتوجيهاتها، وهو الإجراء الذي يعتبره الانتقالي مستحيلاً، ويمس بما يحلم به من استعادة ما يسميها "الدولة الجنوبية" التي ظلت الإمارات تمنيه بها منذ دخولها إلى اليمن تحت يافطة المشاركة في التحالف.
في المقابل ظل الانتقالي يلح على السعودية عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية لحلحلة قضية مرتبات جنوده باعتبارها قائدة التحالف، حد زعمه، ويمكنها أن تحل محل الإمارات التي كانت متكفلةً بالمهمة، حتى تكللت مساعيه بموافقة سعودية على دفع مرتبات القطاعات المدنية والعسكرية والأمنية، في المحافظات الجنوبية، قبل عيد الأضحى الماضي مقابل تسليمه حاويات الأموال التي تحفظ عليها في شهر يونيو للقوات السعودية بعدن، إلا أن الرياض لم تف بوعودها حتى الان.
وذكر المتحدث باسم "المجلس الانتقالي" نزار هيثم أن رئيس المجلس عيدروس الزبيدي، أصدر توجيهاته بتسليم حاويات النقود، التي سبق مصادرتها من ميناء عدن، قبل وصولها إلى البنك المركزي في 13 يونيو، إلى ما تسمى "قوة الواجب 802 السعودية"، المتواجدة في عدن، انصياعاً لما وصفه "مطالب القيادة السعودية، والتزامها بدفع المرتبات في المناطق الخاضعة له".
في المقابل أكد مصدر في حكومة هادي في 22 يوليو الماضي أن الانتقالي المدعوم من الامارات لم يسلم جميع الأموال التي تحفظ عليها في حضرموت وعدن، متهما قوات الانتقالي بسحب عشرات المليارات من بنوك عدن خلال الأشهر الماضية.
ويرى مراقبون أن ما يحصل من تبادل للأدوار بين السعودية والإمارات لدعم "المجلس الانتقالي" يأتي في سياق تمكين الأخير من السيطرة على المحافظات الجنوبية، تمهيداً لإعلان الانفصال عن الشمال، والذي بالتأكيد لن تسمح به صنعاء، مستدلين بما نص عليه اتفاق الرياض الموقع بين هادي والانتقالي في الخامس من نوفمبر الماضي، من إشراك للانتقالي في العملية السياسية،
إلى جانب محاولاتها تعديل الاتفاق لمنح الانتقالي نصف الحكومة.
تسعى السعودية من خلال "اتفاق الرياض" إلى تكريس واقع جديد، في المحافظات الجنوبية بناء على المعطيات السياسية والاقتصادية المستحدثة على أرض الواقع، وفي طليعتها تدمير العملة وقطع المرتبات عن الموظفين.
واستدل مراقبون على مساعي السعودية والإمارات المبيتة تجاه اقتصاد اليمن، بما اسموه "إصرار فريق الانتقالي المفاوض في مباحثات الرياض على موقفه في تثبيت الأمر الواقع الذي فرضه بإعلانه "الإدارة الذاتية" على عدن والمحافظات الجنوبية، والتحكم بمختلف المؤسسات الحكومية الإيرادية ومنها ميناء عدن وبلحاف وتقاسم الأموال من العملة الورقية "غير القانونية".
لايزال الخلاف هو السائد بين طرفي الحوار في الرياض حول الوزارات السيادية وبعض المناصب في السلطات المحلية، فالمجلس الانتقالي يصر على استمرار الإدارة الذاتية رغم إعلانه التنازل عنها في تفاهمات الطرفين حول تنفيذ اتفاق الرياض، وهو ما ترفضه حكومة هادي رفضا قاطعا، ما يعني أن كل طرف يسعى إلى انتزاع أكبر مكاسب ممكنة والسيطرة على مصادر الإيرادات.
وفي الوقت الذي يتفاوض فيه شركاء التحالف المحليين على طاولة حوار الرياض حول اتفاق مشوه يفضي إلى القضاء على ما تبقى من مؤسسات دولة ووضع اقتصادي هش، يناور كل طرف لتحقيق المزيد من المكاسب المتمثلة بالمناصب والامتيازات المالية، مع إغفال معاناة موظفي الدولة، و20 مليون يمني يتهددهم الجوع الشديد ويقتربون من خطر المجاعة الشاملة يقع غالبيتهم في المحافظات الجنوبية وفقا لتقارير الأمم المتحدة، خصوصا أن الملف الاقتصادي ومرتبات الموظفين ومعيشة المواطنين غائبة بشكل كامل عن مفاوضات الرياض التي يطغى عليها الشق السياسي، وتحديدا ما يخص تشكيل حكومة مناصفة بين هادي والانتقالي.
أدت الحرب التي يشنها التحالف السعودي الإماراتي إلى نتائج كارثية على الشعب اليمني، لم تسفر عنها أية حروب في أي مكان من العالم، وخصوصاً موظفي الدولة، الذين فقدوا مصدر عيشهم الوحيد، وأجبرتهم تلك الحرب على خوض صراع مرير من أجل البقاء على قيد الحياة.
ترتبط مرتبات موظفي الجهاز الإداري للدولة، المنقطعة للعام الرابع على التوالي، ارتباطاً مباشراً بحياة نحو 7 ملايين إنسان، تحولت حياتهم إلى جحيم لا يطاق، بعدما ألقت بهم سنوات الحرب في دوامة الفقر والجوع، ولجأ غالبيتهم للعمل في غير مجالات تخصصهم، أو في أعمال لم يعتادوا عليها، من أجل مواجهة الفقر والعوز المتربص بحياة أسرهم، بينما ينعم هادي ومنتسبو حكومته بموارد وعائدات النفط والغاز والموانئ وغيرها من ثروات اليمن المهدرة، على شكل مرتبات وحوافز وبدلات مرتفعة، وجميعها بالعملة الصعبة التي يعملون على جمعها من السوق المحلية نهاية كل شهر، من خلال ضخ المزيد من العملة "غير القانونية" إلى تلك الأسواق، غير مكترثين لمآلات ما يقومون به من استهداف ممنهج للعملة الوطنية والاقتصاد الكلي للبلد.


Share/Bookmark
«
Next
رسالة أحدث
»
Previous
رسالة أقدم

ليست هناك تعليقات:

Leave a Reply