نبأ نيوز – صنعاء – نقلاً عن المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة (MCPD)
قرر "حكيم الفقيه"
ذو الإعاقة الحركية فتح مشروعه التجاري الصغير ليتمكن من إعالة عائلته و أطفاله و"
لصناعة غدا أجمل" كما يأمل ، إلا أنه تفاجئ بواقع مليئاً بالتحديات , و العقبات
التي بدأت بمجتمع يتعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة من جانب رعائي غير حقوقي , و ينتهي
ببنود قانون غير مطبقة على أرض الواقع.
و يروي "حكيم"
"للمركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة " (( ذهبت إلى الصندوق أملاً في دعمي وتشجيعي
فقدمت لهم طلب الدعم الذي لم يتجاوز مبلغ ( 150
ألف) ريال بعروض سعر هي عبارة عن أدوات وإكسسوارات أجهزة هواتف ذكية ، إلا إنني
تفاجأت بالرد أن الصندوق ليس لدية الإمكانيات
التي تلبي مثل هذا الدعم لذوي الإعاقة , و
ما يمكن تقديمه هو فقط (10 ألف) ريال )) .
وبحسب قانون رقم ٦١ لسنة
١٩٩٩ فأن ما حدث مع "حكيم" يعد انتهاكاً
صارخاً لأحد أهم الحقوق فيما يخص دعم الصندوق لمثل هذه المشاريع التي تساهم استقلالية
الأشخاص ذوي الإعاقة وان يكونوا قادرين على مساعدة أنفسهم ومن يعولون .
مع كم هذه التشريعات والحقوق التي تتمتع بها اليمن , إلا انه مازال هناك الكثير من ذوي الإعاقة يعانون
من عدم الوصول إلى حقوقهم , والأغلب بحاجة إلى توعية بهذه الحقوق التي يجهلها .
إذ نصت المادة (١٤ ) من القانون أعلاه : أ- على الوزارة تشجيع إقامة المشاريع الصغيرة
المدرة للدخل للمعاقين وذلك بتقديم التسهيلات والامتيازات والقروض الميسرة
أما قانون صندوق رعاية وتأهيل المعاقين رقم (2) لسنة 2002م فقد أوضحت
أهداف الصندوق أهمية تمويل مشاريع المعاقين , المادة رقم (3) يهدف الصندوق إلى تحقيق
الآتي :
أ- توفير مصادر مالية للصندوق تتسم بالاستقرار والثبات لدعم المشاريع
المختلفة لرعاية وتأهيل المعاقين .
ب- تمويل برامج ومشاريع رعاية وتأهيل المعاقين .
ج- استثمار أموال الصندوق في المشاريع التي تعود بالفائدة المباشرة على
المعاقين.
د- الإسهام في تمويل الأنشطة التي تستهدف رعاية وتأهيل المعاقين وفقاً
لأحكام المواد (5 ، 6 ، 8 )من قانون رعاية وتأهيل المعاقين.
ويضيف "حكيم " (( أنا لم أطلب مساعدة , لا ني عزيز نفس وما
طلبته هذا حق لي نص عليه القانون ويجب أن يطبق لنعيش حياة كريمة مقارنة مع الآخرين
)) .
أوقفت دراستي الجامعية.
يقول ( ع.ر ) للمركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة وهو يعاني من ضعف في الأطراف العلوية وذو إعاقة حركية (( بعد طول انتظار ومعاناة كبيرة واجهتها في دراستي حتى الثانوية , كان أخي يأخذني
حملاً على ظهره إلى المدرسة, استطعت تجاوز هذه المرحلة بمساعدته , سجلت في الجامعة
والتي تبعد كثيرا عن المكان الذي اقطن فيه , تابعت الصندوق لتوفير كرسي كهربائي يوفر
عليا المعاناة وكي يسهل لي الوصول والتنقل باستقلالية , ناهيك عن وزني الذي زاد وصعوبة
حملي , وبعد ست سنوات تم تحويل طلبي ولكن بمساهمة
( 500 ألف) ريال يقدمها الصندوق فقط , بينما أتحمل توفير بقية
المبلغ لشراء هذا الكرسي الذي يصل قيمته الإجمالية إلى ( 880 ألف ) ريال تقريباً , مع ما قدمته من توسلات
ووساطات ولكن تم الرد عليا أن هذا هو النظام المعمول به , وبسبب ذلك أوقفت دراستي الجامعية
)).
أن يكون القصور في توفير ابسط الوسائل المساعدة التي يفترض بجهة كالصندوق
توفيرها لذوي الإعاقة دون قيداً أو شرط , تقصيراً
يصل إلى حد الانتهاك , فكيف هو الحال لمن يحرم من مواصلة دراسته الجامعية بسبب عدم
توفير كرسي الكهربائية والذي قدم بطلب الحصول علية منذ ست سنوات حسب قوله , تم الموافقة على منحه كرسي متحرك , ولكن شريطة دفع (380 ألف) هو المبلغ
المتبقي من قيمة الكرسي الكهربائي بعد خصم مساهمة الصندوق , لطالب قد لا يملك
مبلغ المواصلات إلى جامعته.
ما الجدوى من وجوده !!!
تقول جيهان الحبيشي من ذوات الإعاقة ((صندوق المعاقين رفض صرف فاتورة
علاجاتي الخاصة بعمليتي القيصرية قبل العملية,
ورفض صرف العلاجات حسب الفواتير بعد الولادة , يعني صندوق المعاقين لا : جدوى منه)).
وكثيرة هي الوقائع المشابهة التي يعاني منها الأشخاص ذوي الإعاقة ومع
ذلك يستسلم الكثير للوضع الذي يصطدمون به ويعودون من حيث أتوا متجشمين عناء الذهاب والإياب.
وكثير من ذوي الإعاقة يجهل حقه القانوني في الحصول على ابسط الخدمات سوى
التعليمية والتأهيلية والصحية وغيرها ... مثل
(الأجهزة التعويضية والمساعدة , والأدوية ... )
فيعتقد هؤلاء أنها مساعدة قد تصرف لهم تفضلاً وتمنع عنهم تكرماً , بينما نجد أيضا أنها تصرف للبعض وتمنع عن البعض
الأخر وقد يفرض على المعاق مبالغ كمساهمة .
الصندوق قائم على اجتهادات
شخصية.
"مشير سلام" مدير إدارة الخدمات الصحية بصندوق المعاقين متحدثاً
لـ "المركز الإعلامي للأشخاص ذوي الإعاقة
حول المبررات التي يتم الإستناد عليها في فرض مساهمات مالية ، و إيقاف جملة من الحقوق التي نص عليها المشرع في
حماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة يقول "سلام" : (( الصندوق بحاجة إلى مزيد من اللوائح التي تنظم
الخدمة وتقديمها حتى لا : يكون هناك مزاجية وما هو واقع الآن عبارة عن إجتهادات شخصية
, حيث لا : توجد لائحة تنظم تقديم الخدمات
للحالات ومقدار المساهمة , والمفروض أن تشكل لجنة لدراسة الظروف الإجتماعية والمادية
والتعليمية للحالات التي تتقدم بطلب توفير أجهزة تعويضية , ويبت في الطلبات بناء على
توصيات ومقترحات اللجنة , ومادام هناك إدارة للحماية الإجتماعية , يُلزم بالصندوق أن يوفر كافة الخدمات الصحية بكافة
متطلباتها لجميع المعاقين ليتساوى الجميع )) ,
أما ما يخص صرف الأدوية والعلاجات يقول "سلام" (( لا : يتم صرف أدوية
إلا لذوي الإعاقات الذهنية , وتصرف مبالغ نقدية كمساهمة من الصندوق وبما لا : يتعدى
30% من عرض سعر فاتورة الصيدلية )) .
الحقوق إلزامية لا اختيارية .
المستشار القانوني " عبد الرحمن علي الزبيب" يؤكد للمركز الإعلامي
للأشخاص ذوي الإعاقة " أن حقوق ذوي الإعاقة في اليمن قانونية ودستورية إلزامية لا اختيارية"
يقول الزبيب (( تنص المادة (٥٦) من الدستور اليمني على :" تكفل الدولة
توفير الضمانات الاجتماعية في حالات المرض أو العجز"
وهذا النص الدستوري يؤكد بحق ذوي الإعاقة في الضمان الاجتماعي ,وهنا يٌقصد
بالضمان الاجتماعي تمكين ذوي الإعاقة من حقهم القانوني في الرعاية الصحية والمساعدة
المالية لتغطية كافة احتياجاته الإنسانية , والحق في التعليم المجاني وغيرها من الحقوق ...
الدستور يعتبر أعلى وقمة المنظومة القانونية يحتوي موجهات ومبادئ يتم
تفصيلها في القوانين ..وهذا ما سار عليه المشرع اليمني ليفصل حقوق ذوي الإعاقة بنصوص
قانونية تؤكد أن تلك الحقوق هي واجبات والتزامات على مؤسسات الدولة وليست مساعدة أو
عون لذوي الإعاقة بل حق قانوني وان عدم مطالبة ذوي الإعاقة بحقوقهم القانونية سيجعل
حقوقهم القانونية تضيع في ثقوب الفساد ويشجع الفاسدين على العبث بموارد الصندوق لذلك
يستلزم المطالبة بها دون توقف ..
وقد نظمت المنظومة التشريعية اليمنية كفالة حقوق ذوي الإعاقة وضمان استمرارها
واستدامتها دون توقف أو انقطاع عن طريق إنشاء صندوق لرعاية وتأهيل المعاقين بموجب القانون
رقم 2 لسنة 2002م والمكون من 31 مادة والذي تضمن إيرادات ضخمة لصندوق رعاية وتأهيل
المعاقين وتم إضافة إيرادات جديدة وتم تعديل
القانون بالقانون رقم 22 لسنة 2013 ليضيف إيرادات
أكثر للصندوق لو تم تفعيلها وتعزيز الشفافية في إيرادات ومصروفات للصندوق باستمرار
لتم الإيفاء بكافة حقوق ذوي الإعاقة وحقق الرعاية الكاملة لهم باستمرار ..
ولم تتوقف المنظومة القانونية في هذا المطاف بل نص قانون رعاية وتأهيل
المعاقين رقم 61 لسنة 1999 على تمكين ذوي الإعاقة لكافة حقوقه الإنسانية وتقديم مؤسسات
الدولة خدماتها مجانا لهم وتمكينهم من حقهم القانوني في التوظيف في مؤسسات الدولة وخصص
لهم القانون نسبة 5٪ من الوظائف في جميع مؤسسات الدولة باعتباره حق قانوني لهم إذا
لم يطالب بها ذوي الإعاقة ستتوه تلك النسبة في دهاليز الفساد .
نخلص من ما سبق بأن حقوق ذوي الإعاقة التزامات قانونية ودستورية يستلزم
المطالبة بها وليست مساعدة أو عون بل أن المطالبة بها يكافح الفساد الذي ينهب مستحقاتهم
)) .
نأمل العمل بروح القانون وتطبيقه لما فيه مصلحة ذوي الإعاقة .
من جانبه يفيد "هشام عبد الله القدسي" مدير إدارة البرامج والمشاريع بصندوق المعاقين (( بأن الصندوق لا : يرفض تمويل المشاريع , لكن لا يوجد
بند في موازنة 2020م لمواجهة التمويل , وقد رفعنا في خطة 2021م بما يقارب من
مبلغ وقدرة ( 50 مليون ريال) , في حالة وافقت وزارة المالية على اعتماد الموازنة ,
سيتم تمويل عدد من المشاريع المدرة للدخل للأشخاص ذوي الإعاقة , وبإذن الله نستطيع
أن نطبق القانون والعمل بروحه لما فيه مصلحة الأشخاص ذوي الإعاقة )).
أن تطبيق بنود ومواد التشريعات ومواءمتها مع الاتفاقية الدولية لحماية
وتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والتي صادقت عليها اليمن بالقانون (47) لسنة 2008م على أرض الواقع , هي ثمرة من ثمار أرتقاء مستوى الوعي الرسمي والشعبي
بمشكلة الإعاقة ووسائل حلها , هي دليل قاطع على تناغم أداء الحكومة والبرلمان ومؤسسات
المجتمع المدني , الأمر الذي يتطلب منا جميعاً أن نكون كمؤسسات حكومية ومنظمات غير حكومية إمام امتحان
صعب من اجل ترجمة تلكم المضامين والنصوص إلى واقع ملموس وليس لدينا خيار أخر سوى النجاح
.
